في ضوء الأرقام القياسية الجديدة التي سجّلتها الأسهم الأمريكية والأوروبية وتداول سندات الخزينة الأمريكية على مقربة من المستويات القياسية التي سجّلتها في أكتوبر الماضي وارتفاع سعر الذهب لأعلى مستوياته منذ سبعة أعوام، بات من الواضح أن المستثمرين يتجهون بكل بساطة إلى شراء كلّ شيء ، وهو موقف يدعو إلى القلق.

 

وبقي المستثمرون الذين اكتفوا بترقب حدوث تصحيحات تتراوح بين 10-20% في أسواق الأسهم بعد انتشار فيروس كورونا خارج اللعبة. وفي سياق بحثنا عن الأسباب الكامنة وراء هذا الارتفاع في قيم الأسهم، نجد أن الأمر يُعزى إلى التوقعات المرتبطة بالسياسة النقدية. فقد أعلن الاحتياطي الفدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي عن التزامهما بالحفاظ على انخفاض أسعار الفائدة، مع إمكانية الحصول على سيولة إضافية من تنشيط برامج شراء السندات. ومن جانبه، أعرب البنك المركزي الياباني عن استعداده لإقرار تخفيض جديد في أسعار الفائدة، بينما استهل بنك الصين الشعبي وغيره من البنوك المركزية في الأسواق الناشئة بالفعل عملية الحد من القيود المفروضة على سياساتها النقدية. 

 

وبرغم الارتفاع الكبير للتقييمات، فما زلنا بعيدين للغاية عن المستويات القياسية المسجلة في أواخر تسعينات القرن العشرين في ظل فقاعة الإنترنت. ومع ذلك، فقد تُفضي المخاوف من تفويت مزايا الارتفاع في أسعار الأسهم قريباً إلى وصول الأسواق إلى مرحلة من الشراء غير المدروس.

 

 ولا يتوقع المستثمرون الذين يقومون بشراء الأسهم بمستوياتها الحالية حدوث أي تحسّن في الظروف الاقتصادية وزيادة في المكاسب المؤسسية. وفي هذه الحالة، ستتجه أسعار سندات الخزينة الأمريكية والذهب إلى الانخفاض بشكل كبير. وغالباً ما يتجه المستثمرون نحو اتخاذ قرارات غير منطقية في ضوء الأداء الحالي الذي تُسجله الأصول. فما زالوا يطمحون لنيل حصة في التوجه الصاعد لسوق الأسهم، بينما يتجهون في الوقت ذاته إلى شراء أصول الملاذ الآمن لحماية محفظاتهم من أيّ انتكاسة محتملة.

 

 وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا الارتفاع في قيمة الأسهم لا يقوم على أسس صلبة على الإطلاق. فقد تمت الاستهانة بآثار فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي، وبطبيعة الحال، لا يعني انخفاض أعداد الحالات المصابة مؤخراً مؤشراً على نهاية هذا الوباء. فما زالت العديد من المصانع في الصين مغلقة، بينما تعطّلت سلسلة التوريد العالمية بالفعل.

 

وكانت شركة ’آبل‘ واحدة من قلائل الشركات الضخمة التي أصدرت تحذيراً حيال الإيرادات، ويتوجب على الأطراف الفاعلة في السوق توقع المزيد من هذه البيانات من الشركات الأخرى. ويُمكننا كذلك أن نتوقع إجراء تعديلات تنازلية فيما يتعلق بالنمو العالمي وتوقعات الإيرادات للربع الأول من عام 2020. وبالتالي، يُصبح من الصعوبة بمكان التهرب من تصحيح السوق في ضوء تسعير الأسهم بناءً على توقعات متفائلة بتحقيق أرباح مستقبلية.

تنويه: يحتوي هذا المقال على آراء خاصة بالكاتب، ولا ينبغي استخدامها كمشورة أو نصيحة للإستثمار، ولا يعتبر دافعاً للقيام بأي معاملات بأدوات مالية، وليس ضماناً أو توقعاً للحصول على أي نتائج في المستقبل. لا تضمن ForexTime (FXTM)، أو شركاءها المتعاونين، أو وكلاءها، أو مديريها، أو موظفيها أي صحة، أو دقة، أو حسن توقع أي معلومات أو بيانات واردة في هذا المقال، ولا يتحملون مسؤولية الخسائر الناتجة عن أي استثمار تم على أساسها.